Thursday, October 29, 2009

المولدات وسر الكهرباء المجهول



بغداد / أيـوب حسـن


تشابكت الأسلاك المختلفة الأحجام وألمتعددة الالوان والأطوال، حتى اصبح المواطن لايعرف من اين تبدأ وألى اين تنتهي، تخرج من مولدة (جهاز لتوليد الطاقة الكهربائية) متواضعه، وتتجه لتقدم خدمتها للناس، فمن منزل الى منزل ومن شارع الى شارع، وتدور بين الازقه عابرة الطرقات بارتفاعاتها المختلفة.
لتعطي بتشابكها هذا نسيجا عنكبوتيا مميزا لكل ناضر اليها،
فمنهامايتدلى فوق رأسك ومنها مايعلو فوق الأسطح بحزم ملتفة، هذا هو حال (المولدات) التي تحاول حل مشكلة الكهرباء التي أتعبت العراقيين لسنين طويلة.
اما الذي جلس في حيرة من أمره، واضعا سلمه على عمود الكهرباء، باحثا عن مكان ليضع فيه قطعة السلك الصغيرة مع اقرأنها المتشابكة، ليوصل تيار الكهرباء من المولدة الى بيته.
فهذا هو حال المواطن صباح سعيد، 31سنه، الذي تحدث بغضب وحيرة عن معاناة اختفاء الكهرباء منذ زمن طويل حيث قال"اصبح أمر انقطاع التيار الكهربائي أمر مملاً"، موضحا سر أختفاء التيار لأيام أو انقطاعه لساعات، أو قد يحدث الانقطاع بين الدقيقة والأخرى، أو يتعرض للتلف وتتأخر صيانته.
"وأكمل بقوله "كيف بي أن اصبر على تلك المشاكل وأنا في نفس الوقت احتاج الى الكهرباء طيلة الأربع والعشرين ساعة.
كذلك أضاف صباح بتساؤلات كثيرة "لماذا لا يكون لي حظ في تلك الخدمة" قاصدا فيها الكهرباء أسوة بمواطني الدول الأخرى؟ "ولماذا لاتعالج الحكومة تلك المشكلة واعلم ان بلدي يمتلك كل مصادر توليد الطاقة".
وأستمر في تساؤلاته قائلا "لماذا أرى مياة الشلالات في شمال العراق وهي تعطي الطاقة وأناس على مقربة اميال منها وتنقطع عنهم الكهرباء في معظم الاحيان؟"، ولماذا أرى اخي وابن بلدي الذي يسكن في وسط وجنوب العراق والنفط تحت اقدامه بملايين الألتار وتذهب عنه الكهرباء بحجة قلة الدعم ونقص الوقود لتوفير الكهرباء؟ الا من يجيبني؟".
اما عن موظف قسم شكاوى الكهرباء كريم عبدالله، 45 سنه، قال"الوزارة تعد مرارا وتكرارا بتحسين التيار الكهربائي للمواطن"، كذلك قال " ماذا نفعل لتوفير الكهرباء للناس، أذا كان العام يدخل ويخرج ومشكلة التخصيصات المالية تتناقل بين المسؤولين"، ويستمر حديثة بالقول"نحتاج الى دخول الشركات الاجنبية لتضيف لنا التقنيات الحديثة لتوزيع الطاقة الكهربائيه للمواطنين" مشيرا في اقواله تلك ألى ان البلد بحاجة الى ايدي عاملة مختلفة محلية وعالمية لاعادة هيكلة الطاقة الكهربائية في العراق من بعد اهمالها بسبب الحروب.
وأشار كريم في حديثه ألى مشكلة النقص في الاليات والمعدات الخاصة في تطوير الشبكة الكهربائية وجعلها شبكة مميزة كباقي الدول الاخرى بقوله "اعتقد اننا نحتاج الى اعوام كثيره حتى نصل الى ماوصلت اليه الدول المتطورة بامكانياتها وألياتها " حيث اوضح مقارنته للعراق مع الدول التي تنقطع فيها الكهرباء فقط لدقائق وتعود مباشرة، وقال ايضا "لأننا بلد فقد الامان والاستقرا وليس له مسؤول محدد لادارة ثرواته واستغلالها لخدمة الناس بالشكل الصحيح فكيف لا نعاني نقص الكهرباء وجميع الخدمات الاخرى".
وتحدث كريم عن معاناة العاملين في قطاع الكهرباء بالقول"بعد كل حرب ومشاكل تدور في البلد نحاول أن نعيد جزءا من الطاقة الكهربائية باصلاح ماتقطع منها من اسلاك ومادمرت منها من محولات للطاقة" مبينا بحديثه ان كل حرب تخلف وراءها دمارا وتخريبا ومشاكل اكبر من سابقتها وأستمر بالقول "ومازلنا على نفس الامكانيات والحال في العمل فكيف بنا ان نقدم للمواطن كل مايريد من هذه الخدمه؟".
وجاء دور وسيط الطرفين كما يسميه الناس (المحبوب المكروه) في نفس الوقت، (صاحب المولدة ) الذي يحبه الناس لانه ينقذهم من غياب الكهرباء ويوفر لهم الطاقة البسيطة لسد حاجتهم، والذي لا يحبه الناس لانه حسب قولهم يتلاعب معهم بالاسعار والتأخير في الصيانه في معظم الاحيان.
حكمت (ابو هبه)، 37 سنه، الذي نسى لقبه واقترن اسمه بـ (أبو المولدة )، صاحب جهاز لتوليد الطاقة الكهربائية، في أحد الازقة قال "أنا الوسيط المعروف لأوفر للمواطن مايحتاجه من الكهرباء ولأبعده عنه صدامه مع الحكومه التي لا تستطيع توفير تلك الخدمه له".
حكمت ألذي اعطى رأيه في تلك المشكلة قال"أعلم ان المواطن هو المتضرر الاساسي في تلك القضية ، وانا في نفس الوقت اعيش معه دائرة الصراع حولها"، مشيرا ألى عدم تركيز الحكومة لتوفير تلك الخدمة ومستلزماتها، واصبح من الواجب عليه هو والمواطن معالجة مشكلة الكهرباء لوحدهم .
وأضاف أبو هبه قائلا "احتاج الى الوقود وباسعار مناسبة والحكومة في نفس الوقت متجاهلة اني احاول تقديم الخدمه للمواطن بدلا عنها" ،وقال ايضا "لست متقصدا في رفع أجور الخطوط المدفوعه للمواطنين ،لأني في نفس الوقت أشكو غلاء اسعار الوقود الذي أستخدمه لمولدتي بالاضافة الى ارتفاع اسعار قطع الغيارالاصلية والمتوفرة بشكل قليل في الاسواق المحلية".
ابوهبة الذي ختم حديثه بالقول "الحكومة عاجزة عن توفير الطاقة الكهربائية والسبب مجهول لدي ولدى المواطن ،وانا في دوري سأبقى الوحيد المدافع عن حقي وحقوق المواطنين حتى نرى اليوم الذي لاتنقطع فيه الكهرباء دقيقة واحده".
لازالت مشكلة انقطاع التيار الكهربائي لأشهر ولأيام ولساعات طويلة يراها المواطن والمسؤول، لكن دون وجود حلول لها، فألى متى ستبقى على هذا الحال؟ .

No comments:

Post a Comment