Tuesday, August 10, 2010

مبادئ عامة في كتابة التحقيق الصحفي



بغداد / أيوب حسن


ألدورة ألتدريبية لموقع الجزيرة توك

عزيزي القارئ، ما يلي عبارة عن محاولة فردية متواضعة لوضع خطوط عريضة سهلة في كيفية كتابة التحقيق الصحفي.. ويجدر التنويه هنا أنني حين قلت "التحقيق الصحفي" فإنما عنيت به المعنى الدراج للتحقيق في الصحافة العربية وهو المعنى الذي ينتقل بـ "التحقيق الصحفي" من فضائه الحقيقي إلى كونه أقرب إلى "استطلاع رأي"..
فالتحقيق الصحفي كما يعرفه أساتذة الصحافة غالبا ما يكون تحقيقا ميدانياً .. وهو يتطلب جهداً فائقاً وربما يستغرق إعداده عدة أسابيع أو شهور .. ففضيحة ووتر جيت مثلاً تعد نموذجا جيداً في وقتها.
والمحقق الصحفي في الصحافة الغربية يكون من أعلى مراتب السلم الصحفي، فلا يصل الصحفي لقسم التحقيقات إلا بعد عدة سنوات من العمل والخبرة، أما في الصحافة العربية فالسلم مقلوب تماماً .. فأول ما يتدرب به الصحفي الناشئ هو قسم التحقيقات ..

لكن عامة حتى لو اضطررنا إلى عمل تحقيقات أقرب إلى "استطلاع الرأي" فلابد أن نجيدها كخطوة أولى لإجادة التحقيق بمعناه الصحيح.


أولا: فكرة التحقيق:

1- يجب أن تضع الفكرة الأساسية للتحقيق . . ولتكن مثلا . . "التعليم عن بعد .. ثقوب في طوق النجاة" !

2- يجب أن تقرأ جيدا جدا في الموضوع محل البحث ، لكي تولد الأفكار والمحاور .. قبل أن تنتقل للخطوة التالية

3- بعد ذلك ، ضع الأفكار التي ستطرحها في التحقيق في صورة أسئلة ، وليكن مثلا:

* ما هي أشكال التعليم عن بعد ؟
* هل يمثل ضرورة أم أنه مجرد رفاهية للأغنياء؟
* ماهي فرص الفقراء في ذلك .. هل هناك تعليم عن بعد غير مكلف؟ .. الخ

وهكذا ... ، لا تنتقل إلى الخطوة التالية (أخذ أقوال المصادر ) إلا حينما تتأكد من أنك كونت رؤية واضحة عن الموضوع


ثانيا: المصادر:
يمكن أن نقول بوجه عام، أن المصادر ثلاثة أقسام:
أ- عامة الجمهور من المواطنين ذوي الصلة بالقضية محل النقاش
ب- الخبراء المتخصصون في القضية (قد يكونوا اساتذة أكاديميين، أو صحفيون متخصصون ، أو باحثون في مراكز بحثية.. الخ)
ج – المسؤولون الحكومين ذوي الصلة.

- بخصوص الفئة الأولى، احرص على تنوعها: عمريا، طبقيا، ثقافة، جنساً ، وخذ أراء تلك المصادر ، من خلال طرح الأسئلة التي أعددتها مسبقاً عليهم ..

واحرص أن تكون الأراء حقيقية غير مفبركة أو مزينة، ويجب أن يجيب كل شخص من هؤلاء كما يخطر في باله فلسنا في امتحان يتطلب إجابة نموذجية، بل إن إجابات هذه العينة العشوائية تكون في كثير من الأحيان مصدراً لمعلوماتك، ويمكن أن "تصطاد" منها كذلك عنواناً شيقاً لموضوعك في صورة جملة ترد على لسان أحد المصادر.

- وبالنسبة لأراء الخبراء، يجب مراعاة أمرين: التوازن في عرض الأراء المتضادة، فمعظم المحللين في العالم العربي لهم توجهاتهم والصحفي الحذق هو الذي لا يأخذ كلمة "محلل" على محملها، والأمر الثاني هو مراعاة الشمولية أي تناول الموضوع من زواياه المختلفة، يعني الجانب الاجتماعي، والنفسي، والديني، والاقتصادي والسياسي .. الخ.

ملاحظة: هنا يبرز دور الصحفي والسياسة التحريرية لجريدته، ولعل العصر الذي نحياه يجهد بشكل كبير تراجعاً لكلمة "الحياد"، وعامة تبدو كلمة "الحياد" مصطلحاً غير منسجم مع روح الإنسان وطبيعته.. لكن إذا لم تتمكن من أن تكون حيادياً فلا أقل من أن تصبو لتكون موضوعياً.

- وبالنسبة لتعليق المسؤولين، فالهدف منها يكون إبراز الرأي المقابل لرأي الخبراء وعامة الناس الذي غالبا ما يكون مضاداً للحكومة، وكذلك قد يحمل تعليق المسؤول الحكومية معلومة حصرية أو رقماً مهماً يخص القضية.
للأسف في بعض الدول العربية يتعثر الاتصال بالمسؤولين أو يرفضون الإدلاء بتعليق إذا كنت تعمل في وسيلة إعلامية غير مشهورة مثلاً .. أو صحيفة معارضة، والحل ساعتها يكمن في اقتباس تصريحات المسؤول من الوسائل الإعلامية الأخرى مع الإشارة لمصدرها بالطبع.


ثالثا: الأسلوب والصياغة

- بعد تجميع أراء المصادر ، تأتي مهارة صياغة التحقيق ..

* ضع مقدمة قوية مشوقة ، وإذا كان التحقيق يتناول حدث جاري ، فتكون المقدمة هي جزء من خلفيات هذا الحدث
* قم بإضافة أراء المصادر في صورة " قال فلان كذا ، واتفق معه في الرأي فلان وفلان ، بينما كان لفلان رأي مخالف حيث شدد على"
* غالبا لن تتسع المساحة لكل الأراء ، وإنما ستضع أبرزها

* أثناء الكتابة ، استلهم أهم عناصر الموضوع لكي تصبح عناوين فرعية للتحقيق

* أخيرا . . راجع التحقيق مرة أخرى

رابعا: ملاحظات عامة

- في بداية حياتك الصحفية سيكون الحصول على المصادر صعباً للغاية، لا تيأس ، فإذا أردنا أن نلخص الصحفي في كلمة واحدة، بالتأكيد ستكون هذه الكلمة هي "المصادر".. وهذه تتطلب وقتاً لتجميعها.. فقط اجتهد في عملك.

- إذا استحال على الصحفي الوصول لمصدر معين ، فيمكن الرجوع لرأي ذلك المصدر من خلال كتاب له .. مع الإشارة لذلك.

- ليست كل الموضوعات تستحق أن تتناول الثلاثة أنوع من المصادر، فهناك تحقيقات قد تعتمد فقط على رأي المواطنين أصحاب الشأن (غالبا موضوعات اجتماعية) وهناك موضوعات أخرى قد لا تحتوي سوى أراء الخبراء.

- يجب كتابة اسم المصدر ثنائيا ، وإذا رفض اتركه وابحث عن غيره ، ولو كان أحد الخبراء يجب توضيح وظيفته وتخصصه